الابتكار الاجتماعي
تطوير خطة استجابة طارئة في المؤسسة حاجة أم كمالية؟

مجلة اتجاهات الأثر الاجتماعي - العدد 18

تطوير خطة استجابة طارئة في المؤسسة حاجة أم كمالية؟

   عبير العبيد

شهدت السنوات الأخيرة أحداثاً كثيرة طارئة من كوارث وأوبئة ونزاعات مسلحة وغير مسلحة، سببت العديد من الانتكاسات الاقتصادية، وأدت إلى إفلاس وإغلاق أبواب شركات عدة، وأخرى خفضت من نشاطها وطاقم عملها، وكل هذا ساهم في ظهور تحديات أثرت في حياة الإنسان والمجتمعات ورفاهيتها.

وهنا يتبادر إلى الأذهان ماذا لو كان لدى تلك المؤسسات خطة استجابة طارئة تعمل عليها في الأزمات والحالات الطارئة؟
سنناقش في هذا المقال كيفية تطوير خطة استجابة طارئة في المؤسسات.

مفهوم الحالات الطارئة

عرفت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ FEMA في الولايات المتحدة الأمريكية مفهوم الحالات الطارئة بأنها الأحداث التي تحدث دون التخطيط لها، ويمكن أن تعود بآثار خطيرة تسبب وفيات، أو إصابات، أو إغلاقاً، أو تعطيل عمليات، أو التسبب بأضرار مادية، أو بيئية، كما أنها من الممكن أن تضر بالمؤسسة أو بالوضع المالي لها، أو بصورتها العامة.

أشكال الحالات الطارئة

توجد عدة أحداث يمكن عدها "حالات طارئة" بما فيها:

  • الحرائق
  • الأعاصير والفيضانات
  • الزلازل
  • الاضطرابات المدنية
  • الانفجارات
  • فقدان المورد أو العميل الرئيسي
  • مشكلة في الاتصالات
  • النزاعات المسلحة وغير المسلحة
  • الأوبئة والأمراض
  • وغيرها من الحالات الطارئة

إن استعداد المؤسسة لمثل هذه الحالات الطارئة يعد خطوة حاسمة للتعامل معها، والحفاظ على سلامة الفريق، ويتمثل الاستعداد بالتدريب والاختبار والتمارين، لضمان أن يعرف الجميع ما يجب فعله عند حدوث حالة طوارئ أو ظروف استثنائية.

أهمية تطوير خطة استجابة طارئة لدى المؤسسات

تكمن أهمية تطوير خطة استجابة طارئة لدى المؤسسات في جوانب عدة أهمها:

  • تعزيز قدرة المؤسسة على التعافي من الأضرار التي لحقت بها.
  • سهولة التعامل مع المتطلبات التنظيمية وتحديد مواطن الاحتياجات لتسريع عملية التعافي.
  • مساعدة المؤسسة في الوفاء بالتزاماتها الأخلاقية تجاه موظفيها من حيث ضمان سلامتهم، وتجاه المجتمع والبيئة من حيث عدم التسبب بأي ضرر لهما.
  • إن وجود مثل هذه الخطة يقلل من أقساط التأمين الخاصة بالمؤسسة المستحقة لشركات التأمين.

3 مراحل رئيسة لتطوير خطة استجابة طارئة 

تتطلب عملية تطوير خطة استجابة طارئة في المؤسسة أربع مراحل رئيسة:

A.jpg

وقد تتخلل هذه المراحل مراحل أخرى ثانوية، تضاف تبعاً لطبيعة المؤسسة ومجال عملها، والنطاق الجغرافي الذي تنشط فيه. وسنقدم شرحاً مختصراً حول المراحل الأربع الرئيسة لتطوير خطة استجابة طارئة.

المرحلة الأولى: التخطيط

يشمل تخطيط خطة الاستجابة الطارئة في المؤسسات العمل على النقاط الآتية:

  • التوجيه والتحكم: يجب أن يكون هناك شخص مسؤول في حالات الطوارئ، يقود فريقاً يتحكم بكل الأنشطة المتعلقة بالحالات الطارئة، ويدعم الفريق بتخصيص الموارد، وإمكانية التواصل مع مجلس إدارة المؤسسة والمجتمع، والجهات المعنية بتسريع الاستجابة.
  • مجال الاتصالات: تتمثل بتوفير آلية اتصال وإبلاغ عن حدوث حالة طارئة، ولا بد من التأكد من تعميمها على العاملين في المؤسسة، لبدء التعامل معها، وإخطار الموردين والعملاء حول الوضع الذي تمر به المؤسسة إن تطلب الأمر.
  • سلامة الحياة: فحص متانة مكان العمل وتجهيزه بكامل إجراءات السلامة من معدات ومخارج للطوارئ وغيرها، والحفاظ على الحياة، وتدريب العاملين في المؤسسة على خطة إخلاء إن كان الوضع يتطلب ذلك.
  • حماية الملكية: حماية ممتلكات المؤسسة والمعدات الحيوية فيها، التأكد من وجود نسخة احتياطية للمعلومات وبيانات المؤسسة محفوظة في مكان آمن، يمكن الوصول لها، وعدم ضياعها في حالات الطوارئ.
  • التواصل مع المجتمع: تحديد قناة أو أكثر للتواصل مع المجتمع لتحديد نوع المساعدة التي من الممكن أن تقدمها المؤسسة للجهات أو الأفراد الذين هم بحاجة إليها، أو تتلقاها من هيئات حكومية أو منظمات دولية أو محلية للاستجابة الطارئة، من خلال وضع قائمة بأسمائها وحفظها بمكان آمن للوصول لها وقت الحاجة.
  • الاسترداد والترميم: إجراء ترتيبات تعاقدية مع العملاء والموردين لمرحلة ما بعد الطوارئ، وإعلامهم بها، مثلاً الانتقال لمكان بديل، وإصلاح المعدات المتضررة، والتأكد من رصد مخصصات لهذه المرحلة وهي مرحلة العودة بعد الاستجابة الطارئة.
  • الإدارة والخدمات اللوجستية: تشمل الإجراءات الإدارية والخدمات اللوجستية التي من الممكن أن يتطلب وجودها في الحالات الطارئة، لضمان العودة الصحيحة للعمليات وانطلاق أنشطة المؤسسة من جديد.

وبعد الانتهاء من مرحلة التخطيط ينتقل لتحليل قدرات المؤسسة وتقييم المخاطر.

المرحلة الثانية: تحليل القدرات والمخاطر

يتطلب تحليل قدرات المؤسسة على التعامل مع الحالات الطارئة، وإدارة المخاطر القيام بما يلي:

  1. مراجعة أهداف ورؤية المؤسسة.
  2. مراجعة سيناريوهات الخطر أو التهديد التي حددت خلال مرحلة التخطيط.
  3. تقييم مدى توفر الموارد اللازمة لتحقيق التعافي بصورة أسرع بعد حدوث الحالات الطارئة، بما في ذلك الموارد البشرية، والأنظمة، والمعدات المتوفرة داخل المؤسسة، ومن جهات ومصادر خارجية.
  4. التنسيق مع خدمات الطوارئ العامة (مثل خدمات الإطفاء والشرطة وخدمات الطوارئ الطبية) لتحديد كيفية الاستجابة للمؤسسة، ومعرفة المخاطر التي تحيط بعمل المؤسسة، وقدراتها على الاسترداد والترميم.
المرحلة الثالثة: تطوير الخطة

وبناء على ما سبق تُطوَّر خطة استجابة طارئة في المؤسسة بحيث تتضمن العناصر الآتية:

  1. تطوير إجراءات وقائية للحفاظ على الحياة (الإخلاء، المأوى، الإغلاق).
  2. تطوير إجراءات الطوارئ الخاصة بالمخاطر والتهديدات باستخدام خطة الاستجابة للطوارئ للشركات.
  3. تنسيق التخطيط للحالات الطارئة مع خدمات الطوارئ العامة لتحقيق الاستقرار في الحوادث التي تنطوي على مخاطر في المؤسسة.
  4. تدريب الموظفين حتى يتمكنوا من الوفاء بأدوارهم ومسؤولياتهم.
  5. تجهيز معدات وتخزين إمدادات وتخصيص مرافق يمكن استخدامها في الحالات الطارئة.
  6. إجراء تمارين لممارسة الخطة والتأكد من الجهوزية.

وهذا يدفعنا للقول: إن وجود خطة استجابة طارئة في المؤسسة هي حاجة وضرورة في ظل المتغيرات التي تسببها الطبيعة والناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، والأخرى التي يسببها الإنسان من حروب ونزاعات.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...